أيام قليلة وتبدأ فكرة التجهيز لعام دراسي جديد تقض مضجع الأهل لما يترتب عليها من أعباء مادية مرهقة ، في ظل ما نعانيه من تدهور للأوضاع الإقتصادية في مجتمعنا ،وما تقتضيه من متابعات إعادة تسجيل الأولاد وتأمين المستلزمات المدرسية، وبالفعل أضحى هذا الأمر يمثل هاجسا تبدأ عائلاتنا بترقبه وتعد العدة بانتظاره
وما يلفت من خلال التجربة في هذا المجال أن الولد (التلميذ ) هو سيد الموقف الذي يخطط لماركة المحفظة وشكل المقلمة ومجموعة الأقلام المختلفة الأشكال والألوان عدا عن الدفاتر التي يرسم غلافها في مخيلته وعلى الأهل إيجادها في واقع المكتبات قريبة كانت أو بعيدة
وإن كان ما تقدم حق له ،لكن البارز في هذا المجال أنك ترى نموذجا من الآباء الذين يحرمون أنفسهم كل شيء ليؤمنوا لولدهم كتابا، يوقفه الولد أمام صاحب المكتبة أو أمام معلميه في المدرسة ،غير راض بأي كتاب قديم ،حتى مع محاولات الأب واستجدائه رحمة أو شفقة بوضع الأهل فتراه مصرا على موقفه بكل ثقة غير عابئ بما يعانيه الأهل.وحتى إن كانت محفظته صالحة للاستعمال فهو يريد محفظة جديدة
الموقف هنا لا يتطلب حزما أو عنفا لإقناع الولد بأن الأهم من شكل المحفظة أو الكتاب هو ذلك العلم الذي ستحصله بواسطتهما ،وأن الكتاب القديم ليس عيبا أو نقصا بل هو في حد ذاته تحديا لزيف المظاهر وتمسكا بالجوهر
الموقف يتطلب ثقافة تربية وإقناع وتوعية للطفل أنه لا بد من مراعاة الواقع الذي نعيشه وضرورة الإحساس بما يكابده الأهل من معاناة ،فلا بأس من نقاش بين الأهل والطفل في هذا المجال ، وهذا لا يعد انتقاصا من حقه أبدا بل تربية على أن هذه الحياة فيها الكثير من العقبات ولن يكون فيها الجديد فقط ،بل الجديد والقديم والجميل والقبيح وعليه أن يعتاد على تقبل ذلك كي يؤهل تدريجيا وينخرط في الحياة كفرد مسؤول عن نفسه
تغلبنا العاطفة في كثير من الأحيان ونتعالى على كل الظروف وهمنا الأوحد هو تأمين كل ما يرضي أطفالنا،لكن يجب أن نؤهلهم للتعايش مع الواقع حتى لو بقليل من القسوة وكثير من الحوار والنقاش
بقلم : مريم بعلبكي